معالم إرشادية لصناعة طالب العلم
لا يخفى أن فضيلة الشيخ محمد عوامة من أواخر من أدرك طبقة التعليم المشيخي ، مع معاصرته للتعليم الجامعي العصري .
فمزج حفظه الله بين الطريقتين ، وعايش الفترتين ، فعرف نقاط القوة والضعف فيهما ، فصاغ لنا هذا البحث صياغة علمية أدبية ، بقلم مشفق ، وقلب محترق ؛ لتدارك واقعه ، وتلافي أمته ، فجاء كما أراد إن شاء الله تعالى .
فقد بيَّن فيه ـ حفظه الله ـ ما يُحبِّب كل مسلم في طلب العلم الشرعي الشريف ؛ فذكر طَرَفاً وطُرَفاً من فضل العلم ومجالسه ، ثم بيَّن فضل العلماء وأثرهم على الأمة الإسلامية ؛ وقاية وتبصيراً لهم في دينهم ، وعلاجاً لمرضاهم في الدين والعقيدة .
ثم أورد المعالم الإرشادية الكثيرة التي تمسِك بيد الطالب وتهديه إلى الغاية التي ينشدها ؛ وهي أن يكون عالماً عاملاً ، خطوة خطوة ، وأهمُّ ذلك أمران :
ـ صحبته الطويلة للعالم العامل المربي الرباني ، يتلقى منه العلم والتربية .
ـ وهمته العالية في شَغْل نفسه ، وملء وقته في العلم وتحصيله .
وقد أخذ هذان الأمران مساحة كبيرة من هذا البحث ، وفيه العجائب من أخبار سلفنا وأئمتنا رضي الله عنهم .
ثم جاءت المعالم الإرشادية الكثيرة أيضاً التي تذكّر الأستاذ والمعلم أن يلاحظها في نفسه ، وفي تربية أبنائه الطلبة عليها ، بدءاً من استقباله الطالب المتوجِّه إلى طلب العلم ، وانتهاءً بتذكيره وتدريبه على أصول تحقيق التراث والعلم ، وأن يكون مفتياً للناس في دينهم .
وكل هذه المعالم الإرشادية للطلبة والشيوخ على السواء مستمدة من آيات كريمات ، وأحاديث شريفات ، وكان الأكثر والأغلب من هدي السلف الصالح ، وكبار أئمة العلم والدين ؛ رجاء أن يكون في آخر هذه الأمة من ينهض بها كما نهض وصلح عليه أولها .
والأمل في الله تعالى الكريم أن يسدّ هذا الكتاب ثغرة من حاجات طلبة العلم الذين هم في مرحلة الدراسة والتلقي ، كما أنه يلبِّي حاجات مَنْ هم في مرحلة الأستاذية والعطاء للأجيال اللاحقة ، بتوفيق الله وفضله .
وعلى أولياء أمور الطلبة وأبناء المسلمين أن يلاحظوا بدقة بالغة : أن مراكز التعليم الشرعي هي ينابيع الخير والرشاد ، والنور والهداية .
فلذلك كان من الواجب على الواردين على هذه المناهل ـ وهم الطلبة ـ والعاملين فيها ـ وهم الأساتذة المربّون ـ . . أن يسيروا على هذا المنهج القويم ، المستمدّ من تاريخنا العظيم ، الذي شيَّده أئمتنا رضي الله عنهم ، لتؤتي هذه الينابيع ثمارها أفضلَ ما تكون ، بإذن الله تعالى وتيسيره .
Reviews
There are no reviews yet.